هَل لِسانَ أَقوالِهِ الإِلهامَ | أَم بَيانَ آياتِهِ الأَحكامَ |
فَتَبارى الأَلفاظُ شَأوَ المَعاني | وَيوفي حَقَّ الثَناءِ الإِمامَ |
وَغَدَت لَهجَةَ الثَناءِ عَلَيهِ | مِثلَما دامَ لِلصَلاةِ إِقامَ |
قَعَدَت نَهضَةَ البَلاغَةِ عِنهُ | وَدَنَت عَن خَيالِهِ الأَوهامَ |
قَعَسَ في الصَفيحِ مِن أَطلَسِ ال | عِزِّ تَهاوَت مِن دونِهِ الأَفهامَ |
إِنَّما وَصَفَهَ عَلى فاتِحِ الأَفكا | رِ في الذَروَةِ الَّتي لا تُرامِ |
كُلُّ طَرفٍ لِفِكرِ عِندَ كَليلٍ | كُلَّ طَرفٍ لِلجَريِ فيهِ كَهامِ |
قَصُرَ الوَصفُ دونَ مَن يَفضَحُ الوَص | فَ وَعِندَ الفِعالِ يَخفى الكَلامِ |
يَنبُذُ الشِعرَ وَالشُهودَ الرِياضِيّ | ياتِ عَدا وَالحَجَّةِ الأَرقامِ |
إِن ما سالَ في ثَناهُ يَراعٌ | لا َما سَحَّ مِن يَدَيهِ غَمامِ |
وَفِعالُ الضِرغامِ أَوقَعَ في النَف | سِ مِنَ القَولِ إِنَّهُ الضِرغامِ |
كُلُّ يَومٍ لَهُ صَنائِعٌ تَترى | في البَرايا لِباسُهُنَّ الدَوامِ |
تَكفُلُ الناسَ مِثلَما يَكفُلُ الغَب | راءَ غَيثٌ لَهُ عَلَيها اِنسِجامِ |
طَوقُ الخَلقِ جودُهُ وَنَداهُ | فَهيَ في مَدحِهِ لَعَمري حَمامِ |
وَجَديرٌ أَن تَنطِقَ الطَيرَ وَالوَح | شَ فَيَتلو الصَدّاحُ فيهِ البَغامِ |
نَسَخَت عِندَهُ المُلوكُ وَأَمسى | خَبَراً مِن أَخبارٍ كانَ الكِرامِ |
ما رَأى مِثلَهُ الزَمانُ عَظيماً | صِبيَةً عِندَهُ الرِجالُ العِظامِ |
جاءَ مِن ضَئضَئِّ الخِلافَةِ فَرداً | هُوَ مِن مَعشَرِ المُلوكِ السَنامِ |
فَرعُ عُثمانٍ وَكَفى المَجدُ وَالأَح | سابُ وَالمَكرُماتِ وَالأَحلامِ |
دَولَةٌ حَجَّةَ الزَمانِ عَلى الخَل | قِ بِها دونَ مُريَةٍ إِلزامِ |
لَيسَ لِلشَرقِ غَيرَها فَبَنو المَش | رِقَ طَراً بِدونِها أَيتامِ |
قَد أَامَت سَرادِقَ العِزِّ يَعلي | هِ الوَشيجُ الرِماحُ وَالأَقلامِ |
فَوقَهُ رايَةَ الهِلالِ مُنيراً | يُدَبِّرُ الظُلمَ عِندَها وَالظَلامِ |
يَنضَوي تَحتَها النُقّادُ مَعَ الأُس | دِ وَتَرعى الذِئابُ وَالآرامِ |
مَجدُ عُثمانَ لَيسَ غَيرَكَ مَجدٌ | كُلَّ مَدحٍ مِندونَ مَدحِكَ ذامِ |
لَم تَزَل شامِخاً بِأنفٍ عَزيزٍ | وَلَكُم أَعطُسُ المُلوكَ الرِغامِ |
لا تَرى دَولَةٌ هُزالاً وَضَعفاً | حَولَها المُسلِمونَ وَالإِسلامِ |
وَعَلى رَأسِها خَليفَةُ عَصرٍ | دَهرُهُ تابِعٌ لَهُ وَغُلامِ |
لَم يَزَل قائِماً لَدَيهِ بِأَبوا | بٍ عَلَيهِنَّ لِلجِباهِ اِزدِحامِ |
حَيثُما تَهطَعُ المُلوكُ وَتَعنو | تَحتَ تيجانِها الطَلى وَالهامِ |
مَوقِفٌ تَخَشَّعَ النَواظِرَ فيهِ | وَتُسَوّى الرُؤوسُ وَالأَقدامِ |
قَد حَباهُ عُثمانَ أُسّاً مَتيناً | مِثلَ البَيتِ عِندَهُ وَالمقامِ |
شابَ قَرنُ الزَمانِ وَهوَ مَكينٌ | وَتَخَطَّت مِئاتِها الأَعوامِ |
وَغَدا آلفاً سِهامَ اللَيالي | فَلِذا لا تَنالُ مِنهُ السِهامِ |
إيهٍ عَبد الحَميدِ إِنَّ زَماناً | أَنتَ فيهِ عَبّاسُهُ بَسّامِ |
أَوَّلُهُ نَصرُكَ العَزيزُ وَأَيدٌ | وارو مِصراً لَهُ إِلَيكَ أَرامِ |
أَشخَصَت نَحوَكَ العُونُ حَيارى | أُمَمُ الخافِقينَ وَالأَقوامِ |
وَتَصَبّى القُلوبَ مِنكَ خِلالَ | يُحرِمُ العِشقَ دونَها وَالهَيامِ |
أَقبَلَ العَصرَ يَرتجيكَ وَفي اليُم | نى كِتابٌ وَفي الشَمالِ حُسامِ |
حَبَّذا الدَولَةُ الَّتي صار فيها | تَوأَمَينِ العُلومِ وَالأَعلامِ |
هُوَ ذا الشَرقُ في حِماكَ لَكَ الأَم | رُ جَميعاً وَفي يَدَيكَ الزِمامِ |
هَزَّهُ هَزَّةً تَثوبُ بِها الرو | حُ وَتَحيى الآمالُ وَهيَ رِمامِ |
أَرهَفَ الحَدَّ لِلخُطوبِ فَما يَن | فَعث مَعَ هَذِهِ اللَيالي اِحتِشامِ |
لَم تَزَل أَرضَنا مَآسِدٌ بِاللَهِ | وَمَأَوى رِجالَنا الآجامِ |
إِنَّ لِلشَرقَ هِبَةً بَعدَ نَومٍ | أَزعَجَتهُ خِلالَهُ الأَحلامِ |
هِبَةً تَبعَثُ الحَمِيَّةً في النا | سِ كَما يَبعَثُ الخِمارُ المَدامِ |
يَسَألُ الغَربَ عِندَها الشَرقُ هَل جا | ءَكَ روحٌ تَحيا بِهِ الأَصنامِ |
تُرسِلُ الكَهرَباءَ فيها شُعاعاً | وَيَرى لِلبُخارِ فيها رِكامِ |
وَتَشِبُّ النيرانُ في كُلِّ أَرضٍ | فَتَعودُ النيرانُ وَهيَ سَلامِ |
إِنَّما تُثلِجُ الصُدورَ بِسِلمٍ | حَيثُما يوقِدُ الصُدورَ ضِرامِ |
يا إِمامَ الهُدى هَنيئاً وَأَولى | أَةن يَهنا بِالعيدِ عَنكَ الأَنامِ |
إِن أُحاوِلُ عَلى عُلاكَ ثَناءً | فَهوَ مِمّا قَضى عَلَيَّ الذِمامِ |
أَو أُعارِضُ فَتى القَريضِ فَما عا | رَضَ وَردَ الحَدائِقِ القَلامِ |
ذا مَجالٍ رَضيتُ فيهَ مِنَ السَب | قِ بِعَزمٍ لَهُ يُثنِهِ الأَحجامِ |
وَإِذا كانَ بَدعُ وَصفِكَ سَمطاً | جاءَ عَفواً مِنَ القَريضِ النِظامِ |
إِنَّ يَوماً بِهِ الجُلوسُ تَجَلّى | هُوَ يَومٌ خِدامُهُ الأَيّامِ |
كَفَّرَ الدَهرُ فيهِ عَن كُلِّ ما جَرَّ | فَلَم يَتَّجِه عَلَيهِ مَلامِ |
جاءَ خِتاماً لِطارِقاتِ اللَيالي | فَاِختِلافاتِها إِلَينا لِمامِ |
لَيسَ يَلحى عَلى أَواليهِ عَصرٌ | بِمَعاليكَ طابَ مِنهُ الخِتامِ |
الرئيسية »
شكيب أرسلان
» هَل لِسانَ أَقوالِهِ الإِلهامَ | شكيب أرسلان
هَل لِسانَ أَقوالِهِ الإِلهامَ | شكيب أرسلان
Written By Unknown on الأحد، 13 يوليو 2014 | 5:21 ص

