الرئيسية » » قبس بدا من جانب الصحراء | جبران خليل جبران

قبس بدا من جانب الصحراء | جبران خليل جبران

Written By Unknown on الاثنين، 14 يوليو 2014 | 2:46 ص



قبس بدا من جانب الصحراءهل عاد عهد الوحي في سيناء
أرنو إلى الطور الأشم فأجتليإيماض برق واضح الإيماء
حيث الغمامة والكليم مروعأرست وقوراً أيما إرساء
دكناء مثقلة الجوانب رهبةمكظومة النيران في الأحشاء
حتى تكلم ربها فتمزقتبين الصواعب في سنى وسناء
وتنزلت أحكامه في لوحهامكتوبة آياتها بضياء
أترى العناية بعد لأي هيأتللشرق منجاة من الغماء
فأتيح في لوح الوصايا جانبخال لمؤتنف من الإيصاء
وتخلفت بين الرمال مظنةلتفجر في الصخرة الصماء
قد آن للعاشين في ظلمائهمحقبا خروجهم من الظلماء
إني لميمون النقيبة ملهمإبراء زمناهم وري ظماء
إن لم يقدهم قائد ذو مرةمتبين منهم مكان الداء
يهديهم سبل الرقي ملائمالزمانهم وطرائق العلياء
ألشاعرية لا تزال كعهدهابعد النبوة مهبط الإيحاء
والصوت إن تدع الحقيقة صوتهاوالنور نور خيالها الوضاء
يا شيخ سيناء التي بعث الهدىمن تيهها في آية غراء
سنرى وأنت معرب عن حقهاكيف الموات يفوز بالأحياء
ه ل
وتنزل الأقوام عن أخطارهاوتعسف الحكم والكبراء
أبناء يعرب في أسى من حقبةشقيت بها الآداب جد شقاء
جنف البغاة بها على أهل النهىواستعبد العلماء للجهلاء
وتخيل السادات في أقوامهمشعراءها ضربا من الأجراء
وهم الذين تناشدوا أقوالهمللفخر آونة وللتأساء
وبفضلهم غذيت غراث عقولهممن كل فاكهة ألذ غذاء
وبنفحة منهم غدت أسماؤهممن خالدات الذكر في الأسماء
أصلح بهم رأي الأولى خالوهمآلات تهنئة لهم وعزاء
ولتشهد الأوطان ما حسناتهمفي المنصب العالي وفي الإثراء
ولتعلم الأيام ما هو شأنهمفي كل موقف عزة وإباء
يا باعث المجد القديم بشعرهومجدد العربية العرباء
أنت الأمير ومن يكنه بالحجىفله به تيه على الأمراء
أليوم عيدك وهو عيد شاملللضاد في متباين الأرجاء
في مصر ينشد من بنيها منشدوصداه في البحرين والزوراء
عيد به اتحدت قلوب شعوبهاولقد تكون كثيرة الأهواء
كم ريم تجديد لغابر مجدهافجنى عليه تشعب الآراء
ما أبهج الشمس التي لاحت لهابعد القنوط وطالعت برجاء
ألشعر أدنى غاية لم يستطعإدناءها عزم وحسن بلاء
ما السحر إلا شعر أحمد مالكامنها القياد بلطف الاستهواء
قد هيأت آياته لوفودهافي مصر عن أمم أحب لقاء
لا يوقظ الأقوام إلا منشدغرد ينبه نائم الأصداء
كلا وليس لها فخار خالصكفخارها بنوابغ الشعراء
يا مصر باهي كل مصر بالأولىأنجبت من أبنائك العظماء
حفلوا لأحمد حفلة ميمونةلم تأت في نبإ من الأنباء
ما أحمد إلا لواء بلادهفي الشرق يخفق فوق كل لواء
علم به الوادي أناف على ذرىشم الجبال بذروة شماء
بسمت ذؤابته وما زان الربىفي هامها كالحلية البيضاء
هل في لدات أبي علي ندهإن يصدرا عن همة ومضاء
أو شاعر كأبي حسين آخذمن كل حال مأخذ الحكماء
فهم الحياة على حقيقة أمرهافأحبها موفورة النعماء
يجني دوانيها ولا يثنيه مادون القواصي من شديد عناء
يقضي مناه أناقة في عيشهويفي بحق المجد أي وفاء
عظمت مواهبه وأحرز ما اشتهىمن فطنة خلابة وذكاء
إن تلقه النبوغ ممثلافي صورة لماحة اللألاء
طبعت من الحسن العتيق بطابعوضاح آيات بديع رواء
زان الخيال جمالها بسماتهوأعارها قسماته لبقاء
واليوم إذ ولى الصبا لم يبق منأثر عليها عالق بفناء
لا شيء أروع إذ تكون جليسةمن ذلك الرجل القريب النائي
أبدا يقلب ناظريه وفيهماتقليب أمواج من الأضواء
يرنو إلى العليا بسامي طرفهويلاحظ الدنيا بلا إزراء
يغضي سماحا عن كثير جفنهوضميره أدنى إلى الإغضاء
فإذا تحدثه فإن لصوتهلحنا رخيم الوقع في الحوباء
في نطقه الدر النفيس وإنماتصطاده الأسماع بالإصغاء
لكن ذاك الصوت من خفض بهيسمو الحفاظ به إلى الجوزاء
أعظم بشوقي ذائدا عن قومهوبلاده في الأزمة النكراء
لتكاد تسمع من صرير يراعهزأرا كزأر الأسد في الهيجاء
وترى كأزندة يطير شرارهامتداركا في الأحرف السوداء
وتحس نزف حشاشة مكلومةبمقاطر الياقوتة الحمراء
في كل فن من فنون قريضهما زال فوق مطامع النظراء
أما جزالته فغاية ما انتهتشرفا إليه جزالة الفصحاء
وتكاد رقته تسيل بلفظهفي المهجة الظمأى مسيل الماء
لولا الجديد من الحلى في نظمهلم تعزه إلا إلى القدماء
ناهيك بالوشي الأنيق وقد زهاما شاء في الديباجة الحسناء
يسري نسيم اللطف في زيناتهامسرى الصبا في الروضة الغناء
هتكت قريحته السجوف وأقبلتتسبي خبايا النفس كل سباء
فإذا النواظر بين مبتكراتهتغزى بكل حيية عذراء
في شدوه ونواحه رجع لماطويت عليه سرائر الأحياء
هل في السماع آلام الجوىكنواحه وكشدوه بغناء
يشجي قديم كلامه كجديدهوأرى القديم يزيد في الإشجاء
فمن الكلام معتق إن ذقتهألفيته كمعتق الصعباء
ملأت شوارده الحواضر حكمةوغزت نجوع الجهل في البيداء
وترى الدرارى في بحور عروضهوكأنهن دنت بهن مرائي
كم في مواقفه وفي نزعاتهمن مرقصات الفن والإنشاء
كم في سوانحه وفي خطراتهمن معجزات الخلق والإبداء
رسم النبوغ له بمختلفاتهاصورا جلائل في عيون الرائي
ألممت من شوقي بنحو واحدوجلاله متعدد الأنحاء
ملأت محاسنها قلوب ولاتهوتثبتت في أنفس الأعداء
لله شوقي ساجيا أو ثائراكالليث والبركان والدأماء
لله شوقي في طرائق أخذهبطرائف الأحوال والأشياء
في لهوه وسروره في زهوهوغروره في البث والإشكاء
في حبه للنيل وهو عبادةللرازق العواد بالآلآء
في بره ببلاده وهيامهبجمال تلك الجنة الفيحاء
في وصفه النعم التي خصت بهامن حسن مرتبع وطيب هواء
في ذكره متباهيا آثارهاومآثر الأجداد والآباء
في فخره بنهوضها حيث الردىيهوي بهام شبابها النبهاء
في شكره للمانعين حياضهاوحماة بيضتها من الشهداء
في حثه أعوان وحدتها علىود يؤلف شملهم وإخاء
متثبتين من البناء بركنهلتماسك الأعضاد والأجزاء
في نصحه بالعلم وهو لأهلهحرز من الإيهان والإيهاء
في وصفه الآيات مما أبدعتأمم يقظن ونحن في إغفاء
لم يبق من عجب عجاب خافيافي بطن أرض أو بظهر سماء
هذا إلى ما لا يحيط بوصفهفكري ودون أقله إطرائي
بلغت خلال العبقرية تمهافيه وجازت شأو كل ثناء
فإذا عييت ولم أقم بحقوقهافلقد يقوم العذر بالإبلاء
ماذا على متنكب عن غايةوالشوط للأنداد والأكفاء
أعلمت ما مني هواه وإنهلنسيج عمر صداقة وفداء
أي حافظ العهد الذي أدعو وماأخشى لديه أن يخيب دعائي
أدرك أخاك وأوله نصرا بماينبو به إلاك في البلغاء
جل المقام وقد كبت بي همتيفأقل جزاك الله خير جزاء
يأبى عليك النبل إلا أن ترىفي أول الوافين للزملاء
والشرق عالي الرأس موفور الرضىبرعاية النبغاء للنبغاء
يا من صفا لي وده وصفا لهودي على السراء والضراء
فأعزني يوم الحفاظ ولاؤهوأعزه يوم الحفاظ ولائي
وعرفت في نادي البيان مكانهومكانه الأسنى بغير مراء
يهنيك هذا العيد دم مستقبلاأمثاله في صحة وصفاء
التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.