الرئيسية » » تلك الدجنة آذنت بجلاء | جبران خليل جبران

تلك الدجنة آذنت بجلاء | جبران خليل جبران

Written By Unknown on الخميس، 12 فبراير 2015 | 12:08 م



تلك الدجنة آذنت بجلاءوبدا الصباح فحي وجه ذكاء
ألعدل يجلوها مقلا عرشهاوالظلم يعثر عثرة الظلماء
يا أيها العظيم تحيةفك الأسارى بعد طول عناء
أوشكت فيك وقد نسيت شكيتيأن أوسع الأيام طيب ثناء
حسبي اعتذارك عن مساءة ما مضىبمبرة موفورة الآلاء
ألشمس يزداد ائتلافا نورهابعد اعتكار الليلة الليلاء
ويضاعف السراء في إقبالهاتذكار ما ولى من الضراء
لا كانت الحجج التي كابدتهامن بدء تلك الغارة الشعواء
ألحزن حيث أبيت ملء جوانحيوالناء ملء جوانب الغبراء
دامي الحشاشة لم أخلني صابراًبعد الفراق فظافرا بلقاء
منهد أركان العزيمة لم أكديأسا أمني مهجتي بشفاء
حجج بلوت الموت حين بلوتهامتعرضا لي في صنوف شقاء
لكنها والحمد لله انقضتوتكشفت كتكشف الغماء
وغدا الخليل مهنئا ومهنئابعد الأسى وتعذر التأساء
جذلان كالطفل السعيد بعيدهمسترسلا في اللفظ والإيماء
يقضي وذلك نذره في يومهحاجات سائله بلا إبطاء
ما كان أجوده على بشرائهبثرائه لو كان رب ثراء
عاد الحبيب المفتدى من غربةأعلت مكانته عن الجوزاء
إن الأديب وقد سما ببلائهغير الأديب وليس رب بلاء
في برشلونة نازح عن قومهودياره والأهل والقرباء
ناء ولو أغنت من المقل النهىما كان عنهم لحظة بالنائي
بالأمس فيه العين تحسد قلبهاواليوم يلتقيان في نعماء
أهلا بنابغة البلاد ومرحبابالعبقري الفاقد النظراء
شوقي أمير بيانها شوقي فتىفتيانها في الوقفة النكراء
شوقي وهل بعد اسمه شرف إذاشرفت رجال النبل بالأسماء
وافى ومن للفاتحين بمثل مالاقى من الإعظام والإعلاء
مصر تحييه بدمع دافقفرحا وأحداق إليه ظماء
مصر تحييه بقلب واحدموف هواه به على الأهواء
جذلى بعود ذكيها وسريهاجذلى بعود كميها الأباء
حامي حقيقتها ومعلي صوتهاأيام كان الصوت للأعداء
ألمنشيء اللبق الحفيل نظيمهونثيره بروائع الأبداء
ألبالغ الخطر الذي لم يعلهخطر بلا زهو ولا خيلاء
ألصادق السمح السريرة حيث لاتعدو الرياء مظاهر السمحاء
ألراحم المسكين والملهوف والمظلوم حين تعذر الرحماء
علما بأن الأقوياء ليومهمهم في غدا غد من الضعفاء
ألطيب النفس الكريم بمالهفي ضنة من أنفس الكرماء
ألكاظم الغيظ الغفور تفضلاوتطولا لجهالة الجهلاء
جد الوفي لصحبه ولأهلهولقومه إن عز جد وفاء
ألمفتدي الوطن العزيز بروحههل يرتقي وطن بغير فداء
متصديا للقدوة المثلى ومازال السراة منائر الدهناء
هذي ضروب من فضائله التيرفعته فوق منازل الأمراء
جمعت حواليه القلوب وأطلقتبعد اعتقال ألسن الفصحاء
ما كان للإطراء ذكرى بعضهاوهي التي تسمو عن الإطراء
قلت اليسير من الكثير ولم أزدشيئا وكم في النفس من أشياء
أرعى اتضاع أخي فأوجز والذييرضي تواضعه يسوء إخائي
إن البلاد أبا علي كابدتوجدا عليك حرارة البرحاء
وزكا إلى محبوبها تحنانهابتبغض الأحداث والأرزاء
لا بدع في إبدائها لك حبهابنهاية الإبداع في الإبداء
فالمنجبات من الديار بطبعهاأحنى على أبنائها العظماء
ألقطر مهتز الجوانب غبطةفيما دنا ونأى من الأرجاء
روي العطاش إلى اللقاء وأصبحوابعد الجوى في بهجة وصفاء
وبجانب الفسطاط حي موحشهو موطن الموتى من الأحياء
فيه فؤاد لم يقر على الردىلأبر أم عوجلت بقضاء
لاح الرجاء لها بأن تلقى ابنهاوقضت فجاء اليأس حين رجاء
أودى بها فرط السعادة عندماشامت لطلعته بشير ضياء
لكنما عود الحبيب وعيدهردا إليها الحس من إغفاء
ففؤادها يقظ له فرح بهوبفرقديه من أبر سماء
يرعى خطى حفدائها ويعيذيهمفي كل نقلة خطوة بدعاء
في رحمة الرحمن قري واشهديتمجيد أحمد فهو خير عزاء
ولأمه الكبرى وأمك قبلهخلي وليدك وارقدي بهناء
مصر بشوقي قد أقر مكانهافي الذروة الأدبية العصماء
هو أوحد الشرقين من متقاربمتكلم بالضاد أو متنائي
ما زال خلاقا لكل خريدةتصبي الحليم بروعة وبهاء
كالبحر يهدي كل يوم درةأزهى سنى من أختها الحسناء
قل للمشبه إن يشبه أحمدايوما بمعدود من الأدباء
من جال من أهل اليراع مجالهفي كل مضمار من الإنشاء
من صال في فلك الخيال مصالهفأتى بكل سبية عذراء
أصحبته والنجم نصب عيونهوالشأو أوج القبة الزرقاء
إذ
يا حسنه شكرا من ابن مخلصلأب هو المفدي بالآباء
أغلى على ماء اللآليء صافياما فاض ثمة من مشوب الماء
أتهادت الأهرام وهي طروبةلمديحه تهتز كالأفياء
فعذرت خفتها لشعر زادهابجماله الباقي جمال بقاء
أنظرت كيف حبا الهياكل والدمىبحلى تقلدها لغير فناء
فكأنها بعثت به أرواحهاونجت بقوته من الإقواء
أتمثلت لك مصر في تصويرهبضفافها وجنانها الفيحاء
وبدا لوهمك من حلي نباتهاأثر بوشي بيانه مترائي
أسمعت شدو البلبل الصداح فيأيكاتها ومناحة الورقاء
فعجبت أني صاغ من تلك اللغىكلمات إنشاد ولفظ غناء
لله يا شوقي بدائعك التيلو عددت أربت على الإحصاء
من قال قبلك في رثاء نقسهيجري دما ما قلت في الحمراء
في أرض أندلس وفي تاريخهاوغريب ما توحي إلى الغرباء
جاريت نفسك مبدعا فيها وفيآثار مصر فظلت أوصف رائي
وبلغت شأو البحتري فصاحةوشأوته معنى وجزل أداء
بل كنت أبلغ إذ تعارض وصفهوتفوق بالتمثيل والإحياء
يا عبرة الدنيا كفانا ما مضىمن شأن أندلس مدى لبكاء
ما كان ذنب العرب ما فعلوا بهاحتى جلوا عنها أمر جلاء
خرجوا وهم خرس الخطى أكبادهمحرى على غرناطة الغناء
ألفلك وهي العرش أمس لمجدهمحملت جنازته على الدأماء
أوجزت حين بلغت ذكرى غبهمإيجاز لا عي ولا إعياء
بعض السكوت يفوق كل بلاغةفي أنفس الفهمين والأرباء
ومن التناهي في الفصاحة تركهاوالوقت وقت الخطبة الخرساء
قد سقتها للشرق درسا حافلابمواعظ الأموات للأحياء
هل تصلح الأقوام إلا مثلةفدحت كتلك المثلة الشنعاء
يا بلبل البلد الأمين ومؤنس الليل الحزين بمطرب الأصداء
غبرت وقائع لم تكن مستنشدافيها ولا اسمك ماليء الأنباء
لكن بوحيك فاه كل مفوهوبرأيك استهدى أولو الآراء
هي أمة ألقيت في توحيدهاأسا فقام عليه خير بناء
وبذرت في أخلاقها وخلالهاأزكى البذور فآذنت بنماء
أما الرفاق فما عهدت ولاؤهمبل زادهم ما ساء حسن ولاء
وشباب مصر يرون منك لهم أباويرون منك بمنزل الأبناء
من قولك الحر الجريء تعلموانبرات تلك العزة القعساء
لا فضل إلا فضلهم فيما انتهىأمر البلاد إليه بعد عناء
كانوا همو الأشياخ والفتيان والقواد والأجناد في البأساء
لم يثنهم يوم الذياد عن الحمىضن بأموال ولا بدماء
أبطال تفدية لقوا جهد الأذىفي الحق وامتنعوا من الإيذاء
سلمت مشيئتهم وما فيهم سوىمتقطعي الأوصال والأعضاء
إن العقيدة شيمة علويةتصفو على الأكدار والأقذاء
تجني مفاخر من إهانات العدىوتصيب إعزازا من الإزراء
بكر بأوج الحسن أغلى مهرهاشرف فليس غلاؤه بغلاء
أيضن عنها بالنفيس ودونهايهب الحماة نفوسهم بسخاء
تلك القوافي الشاردات وهذهآثارها في أنفس القراء
شوقي إخالك لم تقلها لاهيابالنظم أو متباهيا بذكاء
حب الحمى أملى عليك ضروبهامتأنقا ما شاء في الإملاء
أعظم بآيات الهوى إذ يرتقيمتجردا كالجوهر الوضاء
فيطهر الوجدان من أدرانهويزينه بسواطع الأضواء
ويعيد وجه الغيب غير محجبويرد خافية بغير خفاء
أرسلتها كلما بعيدات المدىترمي مراميها بلا إخطاء
بينا بدت وهي الرجوم إذ اغتدتوهي النجوم خوالد اللالاء
ملأت قلوب الهائبين شجاعةوهدت بصائر خابطي العشواء
من ذلك الروح الكبير وما بهيزدان نظمك من سنى وسناء
أعدد لقومك والزمان مهادنما يرتقون به ذرى العلياء
أليوم يومك إن مصر تقدمتلمآلها بكرامة وإباء
فصغ الحلي لها وتوج رأسهاإذ تستقل بأنجم زهراء



التعليقات
0 التعليقات

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.