ديريك معراج حنين الرّوح
1
ديريك أيّتها المنبعثة من نورِ الأديرة القديمة، أيّتها المجبولة ببخور المحبّة، الواقفة في وجه الرّياح العاصفة، يا قبلة المحبّة رغم الجِّراحِ الغائرة فوقَ تيجانِ الأماني، يا معراج حنين الرّوح إلى أحواشنا العتيقة، يا تفّاحة القلوب السَّاطعة في ليالٍ قمراء، تناجي فيها النُّجوم بسمة الأطفال، يا صديقة حرفي وبوحي منذ أن تبرعمتُ على وجه الدُّنيا، تنسابين بين مويجات الحلمِ، كأنّكِ أنغام قيثارةِ الرّوح المطرّزة بباقاتِ السّنابل.
كلّما أغوص فيما وراءَ البحار، أزاداد اقتراباً إليك، يا تغريدة حرفي وهو يشهقُ ألقاً، شوقاً إلى أريجِ الأزقّة المنقوشة في تلافيفَ الذّاكرة. فوقَ طينِكِ المصهور بحنين الأمّهات، تبرعمتْ أولى طموحاتِ اليراعِ.
من هنا من أقاصي غربتي الفسيحة، أراكِ تزدهين في مسارات قلبي، ترفعين رايات بوح القصيدة، تلملمين حروف وهجَ الشَّوقِ فوق انبجاسِ اشراقاتِ التَّجلِّي، فتزهو أبهى صنوفِ الألوان فوقَ صباحاتِ العمر، كم من المبدعين تبرعموا من طراوةِ الطِّينِ المتنامي من كنوزكِ الممراحة فوقَ بساتين المحبّة، كم من الأغاني، كَم من الأحلامِ عانقَت تخومَ السَّماءِ!
يا أمَّ القصائد وأخت الأغاني وإشراقة حبٍّ لمناجل الحصَّادين، يا خميرةَ عشقٍ لمروجِ غربةِ الرُّوحِ، يا أمَّ المبدعين والمبدعات، يا تفّاحةَ حرفٍ من أشهى المذاقِ، تحلِّقين فوقَ سماوات غربتي، كأنّكِ حبقُ الحياةِ، تبلسمين جراحَ الشّوقِ، يا دهشةَ انبهارِ الحرف، يا صديقةَ الأزاهير والنَّفل البرّي، في دنياكِ وُلدنا من لدنِ حبورِ الإخضرارِ، ترتسمين فوقَ بهاءِ القلبِ، قصيدة عشقٍ مقمَّطة بأغصانِ الدَّالياتِ، يا قبلةَ عاشقٍ مشبَّعٍ بماءٍ مصفّى من رحيقِ الحياةِ، أيّتها المسكونة في لبِّ الرُّوح، كم من الأوجاعِ تناثرت فوق صدغيكِ وأنتِ ما تزالين أنتِ، في أوجِ بهائِكِ، شامخةً في وجه الرِّيح!
ديريك، صديقتي الأزليّة، هل إندلْعَتِ منذُ الشَّهقةِ الأولى من ضرعِ الطُّوفانِ؟!
***
من كتابي الجّديد: "ديريك معراج حنين الرّوح"، الَّذي أشتغل عليه بهمّةٍ لا تلين!!!
صبري يوسف